ومن كان يظن أنَّ الشيخ عدون ستطاله ثقافة النسيان؟

محمد باباعمي

3/30/2024

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن كان يظن أنَّ الشيخ عدون ستطاله ثقافة النسيان؟

الفاضل الكريم، الدكتور محمد ناصر بوحجام... السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... من جامع السلطان قابوس بعُمان، لك مني ألف سلام...

مقالك أستاذَنا عن الشيخ عدون حرك فيَ الأشجان، وساقني عنوة إلى الشجون... ولقد أثبتَّ فيه أن "ثقافة النسيان" متجذرة فينا... وإلا من كان يظن أن ينسى الأب الحاني، والمعلم الخريت، والمرشد الحكيم...؟!

من كان يظن أن ينسى الشيخ عدون وطلبته وتلاميذه ... من ذوي العلم والمكانة، والمال والوجاهة، والرأي والنفوذ... لا يزالون يرتعون تحت الظلال الوارفة للشجر الذي زرعه وسقاه بكلتا يديه؟

ألم تقل أستاذي الدكتور بوحجام في ذيل مقالك، والملح في الحلق يحرقه، ونحن صيام: "ما يؤسف له أنّه بقي في طيّ النّسيان، لم يعرّف به للأجيال التي لم تدركه، لم تعرض أعماله، لم تقدّم إسهاماته، لم تحلّل شخصيّته، لم تنشر آثاره.. نرجو أن يتدارك الأمر قريبا إن شاء الله. وهو الهادي والموفّق" (ذكرى وفاة صاحب الأفضال والأعمال والخلال).

أستاذي، صدقني:

أنا متحير: هل ألوم؟ ومن ألوم؟

هل أشفق؟ على من أشفق؟

هل أنذُر للرحمن صوما كفعل نبي الله زكريا عليه السلام؟

ولكن، هل يجوز الصمت أوان الكلام، وتأخير البيان عن وقت الحاجة؟

قرأت مرة هذه العبارة:‏ "لو يعلم العبد مدى سرعة نسيان الناس له بعد موته ما سعى لإرضاء أحد سوى الله"... وتذكرتها اليوم... لأني على يقين أنَّ والدنا الروحي الشيخ عدون لم يكن يعنيه إرضاءُ الناس... ولكن رضا الله وحده، كان بين عينيه، واستقرَّ في بؤبؤ قلبه...

ولكي نعزي أنفسنا ونواسيها نقول:

"لا يضيرك أبانا إن نسيك الأبناء، فاصفح عنهم كصفح يعقوب عن أبنائه... ولو أنهم ذكروك لكان ذكرك مزيد تشريف لهم لا لك... فنم قرير العين معلمنا الناصح الأمين ...".

نم هنيًّا كما نام الفتية في الكهف، وقد "قاموا وقالوا"، كما "قمت وقلت":

عينُ الله ترعاك،

وحبُّ الخير وطاؤك...

ونفع الخلق غطاؤك...

والإخلاص وسادك..

أمَّا رضا الله تعالى فهو بحول الله ثوابك وجزاؤك...

لك منا ألف سلام وسلام... وقد انسلخ من الزمن عشرون حجة من يوم ناداك الله إلى جواره، فتركتنا يتامى لا لنا بل علينا...

وإنا بك شيخَنا وبمن نسينا من آبائنا أمثالك لاحقون...

فاللهم ألحقنا بالصالحين... واغفر لنا تقصيرنا يا رحمن يا رحيم...

آمين... آمين

ظهر العشرين من رمضان، 1445ه/ الثلاثين من مارس 2024م