مدرستنا العلمية في خط الزمن
محمد باباعمي
9/23/20241 min read


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، سيّد الأنبياء والمرسلين، محمَّد خيرِ من تعلَّم من ربَّه، وعلَّم المؤمنات والمؤمنين.
أيُّها السادة الكرام؛ أمَّهاتٍ وآباءً، معلّمين وإدارةً، تلاميذَ وتلميذاتٍ؛ لكم مني ألفُ تحية وسلام، وإنا نقول لكم، والحبور يرشح من صفحات وجوهكم: حللتُم أهلاً، ونزلتم سهلاً، في مدرستكم التي حنَّت عرصاتـُها إلى جليلِ أرواحكم، واشتاقت أفنانها إلى جميل أخلاقكم: "المدرسة العلمية الجديدة"، زينة المدارس وفخرُها.
وبعدُ، فإنَّ المدرسة مدرستان: مدرسةٌ منفصمةٌ عن واقعها، ومدرسةٌ متلاحمةٌ مع واقعها:
أمَّا الأولى فهي سلبيةُ، متأثرةُ، منساقةُ، وصفها رسولنا الكريم بأنها: "إمَّعة"، وهي متلوّنة كالحرباء؛ أبرزُ صفاتها أنها قصيرةُ الذاكرةِ، لها ولع بالموضات وبالجديد من التقليعات؛ ولها ميلٌ لكلّ ما هو مُبهر حتى ولو كان سَرابًا؛ وهي تأتي ببرامج ومقترحاتٍ هشَّة، رخوةٍ، لا تـُحيي مواتا، ولا تبني حياة؛ نسمّيها في منظومتنا: "مدرسةَ الانتقاء".
وأمَّا الثانية، فهي التي تؤثر في محيطها، وتتأثر به؛ تتبنى كلَّ ما هو إيجابيٌّ من حضارة أمَّتها، وتلفظ كلَّ ما هو سلبيٌّ؛ تقرأ دينها، وتراثها، وتاريخها، وواقعها قراءةً جيدةً؛ ثم تهندس مخطَّطا محكمًا، يـُخرّج رجالا شموسًا، ونساء أقمارًا؛ هذه التي وجب أن نهبَها مُهجنا، ونجاهد في سبيل حياتها، ونرخِص الغالي نصرة لها؛ إنها "مدرسة الارتقاء".
أيها السادة الأعزَّة؛ غزَّة من هنالك تدعونا، وهي شامخةٌ رافعةٌ رأسها أمام الظلم والجبروت؛ فهل نبقى مكتوفي الأيدي؟ أم الواجب علينا أن نتحرَّك بما أمر الله تعالى به؟ وإذا وجبت الحركةُ، فكيف تكون في مستوى مدرستنا "المدرسة العلمية الجديدة"؟
لا يمكن في كلمة يخطُّها المرءُ من بُعد آلاف الأميال أن تستعجل الجوابَ؛ ولكن يكفي أن تطرح السؤالَ الصحيحَ، الذي تُنسج على خيوطه الذهبيةِ مسيرةُ مدرستنا، لهذا العامِ، ولأعوامٍ وعقودٍ لاحقةٍ؛ كما نسجت من قبلُ أشكالا جميلة وجليلة في أعوامٍ وعقود مضت.
واللهَ تعالى وحده ندعوه، ونتوسَّل إليه، ونلحُّ في الدعاء، لا نكلُّ ولا نملُّ؛ أن يمكّن لدينه في أرضه، ويجعلنا سببا للتمكين؛ ويعجّل لنا بصلاة في بيت المقدس منتصرين على الغاصبين والمطبّعين؛ لكن شريطة أن نجتهد في واجباتنا، ابتداءً من مقعد المدرسة، وانتهاءً بسياسة المواجهة مع أعداء الله، والإنسان، والحق، والقيم.
يدا بيد، ورجلا برجل، وعينا بعين، وأذنا بأذن... نبشّر جزائرنا، وفلسطيننا، وبلادنا الإسلامية، وعالـَمنا الحرَّ، بغدٍ أفضل، وبمستقبلٍ أجمل ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
محمد موسى باباعمي، مسقط؛ ليلة الجمعة 17 ربيع الأول 1446ه/20 سبتمبر 2024م