همّي وهمُّكم
(رسالة اعتذار إلى غزة)
د.محمد باباعمي
7/29/20251 min read


هل تغني الكلمات عن الأفعال؟
هل يجزي الاعتذار زمن الانتصار؟
هل ستلقى حروفي ولو أذنا غزاوية واحدة تخاطبها وتواسيها؟
لا ريب أنَّ ما نكتبه لا يُسمن ولا يغني من جوعٍ، وأنَّ اعتذارنا مع تقاعُسنا هو وبالٌ علينا، وأنَّ الحروف التي ننطق بها ترتدُّ مع الصدى، ولا تحرك ساكنا في منطق الصراع...
أحيانًا أقول: "همّي"، وحين أتذكَّر "همَّ" غزَّة أستحيي من نفسي... وأودُّ أن لا يسمع أحدٌ مقالتي...
"همّي" مرض ألمَّ بي... "همّي" وظيف لم يواتني... "همّي" ابنٌ لم يفز في الشهادة... "همّي" تجارة كسدت... "همّي" قريب ابتلي بمرض عضال... "همّي" حبيب توفَّاه ربه وانتقل إلى رحمة الله... "همّي"... "همّي"... "همّي"...
بمجرَّد أن فتحتُ صفحات التواصل صبيحة اليوم، قرأتُ هذا النبأ الخطير: "62 شهيدا في غزة بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم"، "الجوع يفتك بالقطاع، والعشرات من الأطفال والشيوخ يموتون جوعا"...
"همُّ" غزة هو "الهمُّ"، أمَّا "همُّ" الواحد منَّا، مهما بلغ الذروةَ، فهو مجرد "وهم" أو هو "همُّ" فردي محدود... يتلاشى حيال "همِّ" غزَّة وأهلي في غزَّة...
"همُّ" غزة هو اختبار رباني لكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها... أتراه يتألم ويحرك دواليب الفعل؟ أم أنه يتألم ويبقى فاغرا فاه بلا حراك ولا فعل؟... أم أنه يتبلد ولا يتألم، فيقرأ الأخبار كما يقرأ صفحات الحالات الجوية في أرض الوطن؟
أخي، أختي... كلُّ همٍّ دون همِّ غزة هو هباءٌ... إلاَّ أن يكون همًّا جماعيًّا، في بعض البلاد الإسلامية التي تعاني ما يعانيه أهل غزَّة في صمتٍ رهيبٍ... ولا يعدم العالم الإسلامي أمثال هذه الحال للأسف... ولو شئتُ لعدَّدتُ...
غير أنَّ الهمَّ الأكبر هو همُّ الآخرة... فهمِّي أعظمُ من همِّ غزَّة إذا ما نظرتُ إلى العاقبة، وإلى حساب ربي يوم ألقاه... فهمُّ أهلي في غزَّة دنيوي فانٍ، وهمنا واحسرتاه أخرويٌّ دائمٌ...
فهل ننجو يوم العرض الأكبر، ويوم التغابن؟
هذا هو الرهان... ومن الله نسأل الغفران
محمد بن موسى باباعمي
الثلاثاء 29 جويلية 2025
