حسن النهايات، وجمال الخواتيم

د.محمد باباعمي

7/22/20251 min read

لكَم أحسننا التلاق** ولكنَّا أسأنا التصرَّف حين الافتراق؛

لكَم كانت بداياتنا جميلةً، ثم استحالت نهاياتنا قبيحةً؛

لكَم تكدَّرت مياهُنا عند مصبِّ الأنهار، وقد نبعت من عين زلال في بداية المشوار؛

حتى إني اعتقدتُ يومًا أنَّ "سكَّان شمال إفريقيا، عربا وبربرا" لهم محرّكات كمحرّكات "الدرَّاجة النارية الجزائرية الرائعة قالمة (مؤونة)"؛ محركاتٌ قوية، قادرة على الانطلاق بسرعة وسط العقبة (démarrage en côte) غير أنهم غالبا ما يُنهون المشوار محطَّمين مهشَّمين – هم ودرَّاجاتهم – على حائطٍ من صخر، أو في وادٍ من حجر...

ثوراتنا ضدَّ المستعمِر، حركاتنا الدينية، مشاريعنا الحضارية، هيئتانا العرفية والرسمية، مؤسَّساتنا التربوية، مشاريعنا الاقتصادية، صداقاتنا الفردية... كلُّ أولئك يركّز على "حسن الفاتحة" ويغفل غالبا عن "حسن الخاتمة"؛ حتى إنَّ مالك بن نبي قال يوما:

"انتكست ثورتنا المباركة يوم نلنا الاستقلال، فلم نعرف ماذا نصنع بحريتنا، فتحوَّل العدَاء الذي كان موجَّها إلى الخارج إلى عداءٍ مستفحل في الداخل، فتقاتلنا وتناحرنا وتخاصمنا ولا نزال؛ وما حرب الولايات بخافية على أحدٍ"***(بتصرف).

قال الله تعالى: "ولا تنسوا الفضل بينكم، إنَّ الله بما تعملون بصير" (اهـ).

أقول:

ولقد قال الشاعر الفحل ابن دريد في مقصورته:

"لم يجتمع جمعٌ لغير بين...لفُرقة كلُّ اجتماع اثنين"...

ومما حفظناه صغارا، وتردَّد في مساجدنا ليلا ونهارا، وظنَّه البعض منَّا حديثا نبويًّا، والحال أنه أثرٌ قرآنيُّ الروح، نبويُّ الأنفاس: "اتقوا الله فإنكم ستموتون، وأحسنوا الصُّحبة فإنكم ستفترقون، واصبروا على مصائب الدنيا فإنكم لا تعدمونها"..