محاضرة فكرية مفتوحة للدكتور محمد باباعمي
أخبار
1/5/20251 min read


كان الموعد بعد صلاة العصر محاضرةً فكريةً مفتوحةً سعدت بتنظيمها لجنة البحث العلمي والدراسات المعمقة في فائدة المهتمين بالشأن المعرفي، والواقع التربوي، وقد كانت تحت عنوان "عصرنا: كيف نفهمه؟ وكيف نعيشه؟" ألقاها لمدة ثلاث ساعات حوارية فضيلة الدكتور محمد بن موسى باباعمي؛ المشرف العام على لجنة البحث العلمي في مركز المعالي للتمكين الحضاري. . شهدت القاعة العامرة لمكتبة النهضة حضورا نوعيا ومميزا للفاعلين في حقل التربية والتعليم، زينه اهتمام المؤسسات التربوية بحضور طاقمها مشكورا، وتجاوبه مع فعاليات المحاضرة مأجورا، ومن ذلك أساتذة مدرسة النهضة، وكذا مؤسسة الولد الصالح بمختلف فروعها، مدرسة أبي سالم وكذا مؤسسة الرضوان للتربية والتعليم. . وهذا ما يبعث على الأمل الواسع في عقد المزيد من البرامج المفتوحة لتعم الفائدة، فجزى الله الحاضرين خيرا كثيرا.. . استدعى الدكتور في بداية المحاضرة لحظات تاريخية في تاريخ مزاب، وكانت على ضوء مذكرات الشيخ البكري، ومن ذلك مثلا:
- عام 1871.. استعداد الرجالات لمجابهة حملة بوشوشة.. وتعيين إمام دفاع "الشيخ عمر بن حمو بن باحمد بكلي": الحرب لم تتم، بل وقعت فتنة داخل الجيش، مسيرة المجتمع استمرت، والفكرة نمت ونحن نعيش الظروف التي نعيشها.. ولم تتم إرادة الشر.. بل تمت إرادة الله في خلقه..
"إذا أردنا أن نراعي خط الزمن، فإن علينا أن نراعي خط إرادة الله تعالى.."
- الشيخ البكري، وقصة اجتماع إقامة الحجة على الأمة: التكوين في الدين قد توقف، وإعداد المجتهدين انتهى وعلينا تحمل المسؤولية فيما هو آت..
- سنة 1976: جاء في مقالة بعنوان "نصيحة الآباء للأبناء": تقول أم لابنها الذي فارق عشها إلى التل، فحملت هم ضياعه، وأوصته ليكون ما توصي به حصنا من الانجراف والانحراف..... الذي يحدث أنه فعلا سيغادر بعد أن يكبر ويحصل الانحراف، ويكون الاعتبار من القصة في هاجس الارتحال والاغتراب.. لكن السؤال اليوم: أليس يمكن أن يغادر المرء عشه من غير أن يسافر في الواقع؟
"من الخطأ المنهجي محاكمة الماضي بحسابات الحاضر" .
- 3 نوفمبر 1957.. كان ثمة افتتاح لمدرسة مزابيين في التل، يقول الشيخ البكري: وزعت صدقة من الخبز فقط.. فوجه أحد الأعيان كلمة وبين أثر العلم في حياة الأمم، سيما في عصرنا عصر "الذرة والرادار".. [بعد 12 سنة من هيروشيما وناكازاكي] وعرجتُ على تقصير أمتنا في هذا الميدان، ميدان العلوم..
- معالم مختلفة من أزمنة مختلفة نود أن نصل منها إلى ما يلي:
"لكل عصر أهله، ولكل أهل عصرهم، وسيحاكم كل أهل لما وقع في عصرهم.. لا في عصر غيرهم ما لم يكن لهم أثر فيه.. هذه قاعدة كلية.." عصرنا بدأ يوم نزع الهاتف من الحائط، ووضع لصيقًا في الجسد. أصبح الهاتف أقرب إلينا من أي شيء ومن أي أحد.. وهل عصرنا سيطول؟ أبدا، بل التغير قد بدأ فعلا، والذكاء الاصطناعي شاهد ذلك التغير "الثوري".. صار "هذا الشيء" يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا، وارتهننا له، وصار يدرك ما نحب ونكره، ويسوق لنا الإعلانات التي ستتحكم في غريزتنا وسلوكنا..
- بعد "مليون سنة".. حتى تقوم الساعة، سيبقى الإنسان إنسانا، هذه حقيقة عقدية ثابتة.. لكن ثمة ما سيتغير بالتأكيد، سؤال الثابت والمتغير يمنح تصور الإنسان توازنا يمنع عنه التعصب في الوسائل، أو التفريط في المقاصد، فالمقاصد ثابتة، بينما الوسائل متغيرة..
- أغلى ما نملك اليوم: إيماننا وقيمنا التي بات يتهددها كل ما حولنا ما لم نُفِق.. وواقع المسلمين وإن كانوا متخلفين، فإن تخلف المسلم من حيث هو مسلم هو خطر عل البشرية جمعاء، إذ الإنسانية اليوم تستغيث، والسعي لحفظ النوع الإنساني بات مقصدا شرعيا، وضرورة واقع للبشرية جميعها.. تجاوزت المعلومة والصورة اليوم حقيقة الواقع، والخطر الأكبر هو أن تتشكل عقولنا بالأحداث لا بعالم الأفكار، وأمام التنافس الحدي لدعايات الإعلام يصير الفرد المستهلك أسير ما تلقيه لتتحكم فيه، ليوهم نفسه أنه "على الصورة" وأنه حاضر وفق آخر المستجدات.. والواقع يثبت أن الزيادة في المعلومات "لا العلم" لا تزيد في العمل دوما.
- نحن اليوم بحاجة إلى تعريف العلم، فإن كان في الماضي تعليم الجاهل، وإمداده بما كان لا يعرف، فإنه في عصرنا تصحيح للخطإ والوهم و"محاولة" إقناع صاحب الأغاليط أن ما بين يديه ليس بعلم أولا.. . في عصرنا نحن مضطرين إلى تعزيز خصائص إنسانية باتت تتلاشى:
- الشعور بالخصوصية يمنح للإنسان إنسانيته كما يقول المسيري. وهتك أعراض الناس معصية، ما بال أقوام يفعلون هذا بأنفسهم؟
- من تمام إنسانية الإنسان حريته. يفقد إنسان العصر حريته بمقدار ارتهانه للمستجدات الوافدة، وعليه أن يحافظ على قوة الاختيار إن كان راعيا لجوهره، واعيا بحقيقته..
- من تمام الجدية طرح القضايا بنَفَس جماعي، إذ الذي ربح إنما ربح بمراكز البحث الجماعية، والذي خسر إنما خسر بسبب غيابها.
. أذن المؤذن لصلاة المغرب، واتجه الحضور للصلاة في مسجد السلام "باعبد الله"، ثم كان الاستئناف بعد صلاة المغرب في القراءة الإيمانية، والمعالجة العقدية لروح العصر..