﴾...مَا يَكُونُ مِن نَّجوَى ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم﴿

د.محمد باباعمي

6/30/20241 min read

﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجوَى ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم...﴾ استوعبت الآية الكريمة جميعَ الاحتمالات، وجميع الأعدادِ، بأسلوبٍ واضحٍ مختصرٍ معجزٍ: "ثلاثة، أربعة، خمسة، وستة" وأدنى من ذلك أي اثنان لأنَّ الواحد ليس عددًا، ولا نجوى في واحد، وأكثر من الستة إلى ما فوق ذلك بلا حصرٍ.

واستوعبت جميع الأمكنة بقوله تعالى: ﴿أَينَ مَا كَانُواْ﴾، وجميع الأزمنة لأنَّ الزمان لا ينفصم عن المكان وعن الإنسان؛

واستوعبت جميع أفعال العباد، سواء في ذلك أفعال القلوب أم أفعال الجوارح؛ ممَّا يحاسَب عليه الإنسان المكلَّف يوم القيامة، بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَومَ ٱلقِيَمَةِ﴾.

والحال أنَّ الآية استوعبت ما هو أكثر من ذلك وما هو أدنى، أي جميع الوجود بقوله تعالى في مستهلّها: ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَوَتِ وَمَا فِي ٱلأَرضِ﴾،

واستوعبت "كلَّ شيء" من عالم الوجود والإثبات أو من عالم المحوِ والعدم، ممَّا كان، ومما لو أنه كان كيف يكون؛ وهو ما لا يدركه العقل البشريُّ، ولا يدرك أبعاده، لقصر علمه؛ وذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾.

ولذا كان التوحيد، واعتقاد طلاقة علم الله سبحانه، ومراقبة عينه التي لا يخفى عليها شيء؛ هو الأساس لمراقبة ما شرع الله تعالى من أحكام النجوى، وغيرها من أحكام الفقه الإسلامي. وإذا غاب البعد العقدي من الحكم الفقهي، تحوَّل إلى قانون بارد، وإلى وثيقة جامدة.

ربنا ما عبدناك حق عبادتك، إلا أنا لم نشرك بك شيئا...