يوم الدين اللامتناهي، في مقابل اليوم الأرضي

إذا كان اليوم الأرضي محسوبا بحركة الشمس، من الغروب إلى الغروب مثلا؛ فإنَّ "يوم الدين" هو يومٌ لا يحدُّ؛ وفرق بينه وبين "اليوم العندي" في قوله تعالى: "وإنَّ يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون" (سورة الحج: 47).، أو حتى اليوم بـ"المقياس العروجي": "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" (سورة المعارج: 4). ويوم الآخرة، أو يوم الدين؛ هو يومٌ له أوَّل وليس له آخِر؛ أوَّله يوم يحشر الناس، ويوم يقومون من الأجداث؛ أي بعد النفخ في الصور؛ ثم لا آخر له: "خالدين فيه أبدا". وهل هذا اليوم، أي يوم الدين، هو من المستقبل، أي أنه غير موجود الآن، وسيوجد في أوانه؟ أمَّا بالنسبة للمخلوقات، التي يجري عليها حكم الزمن، فنعَم؛ وأما في حق الله تعالى، الذي يسقط في حقه تراتب الزمن وتعاقبه (ماض، حاضر، مستقبل)؛ وهو كما يشاء سبحانه، وكما يريد؛ قد يكون هذا اليوم مخلوقا الآن، وقد يخلقه من بعدُ؛ ويستوي في حقه وعدله هذا وذاك؛ والبث أو الجزم في الأمر مستحيل في علم البشر؛ إذ لا علم لهم بذلك، ولا دليل يمكنهم منه. ثم إنَّ عظمة "مالك يوم الدين" أنها تحدد لنا البداية أنها من الله تعالى، والنهاية أنها إلى الله جل جلاله؛ فلا نغترُّ ولا ندعي أننا نملك شيئا من الزمان أو المكان، أو المبدأ أو المعاد.

محمد باباعمي

2/20/2023